فهرس البحث
كان ميلاد أحمد شوقي عام 1870 في مصر التي مثلت له العروبة والإسلام، فقد انحدر من أعراق مختلطة حيث كان جده لأبيه كرديا، وكانت جدته لأبيه يونانية تعمل في قصر الخديوي لكن أبويه وُلدا في مصر وتربيا في أحضانها.
حياته ونشأته
نشأ شوقي في القاهرة، وبفضل تفوقه في الدراسة تمكن من التعليم المجاني في مدرسة الحقوق، وعندما تخرج فيها عام 1887، عينه الخديوي توفيق بقصره، وأرسله إلى فرنسا في بعثة لدراسة الحقوق والترجمة استمرت حتى عام 1893 .
وقد حسمت تلك الرحلة الدراسية الأولى الأوجه الفكرية والإبداعية لشوقي، وخلالها اشترك مع زملاء البعثة في تكوين (جمعية التقدم المصري)، التي كانت أحد أشكال العمل الوطني ضد الاحتلال الإنجليزي.
وربطته وقتئذ صداقة حميمة ب مع الزعيم مصطفى كامل، وانفتح على مشروعات النهضة المصرية، وطوال إقامته بأوروبا، كان فيها بجسده بينما ظل قلبه معلقًا بالثقافة العربية وبالشعراء العرب الكبار وعلى رأسهم المتنبي ،لذا، ظل تأثره بالثقافة الفرنسية محدودًا، ولم ينبهر بالشعراء الفرنسيين الرمزيين أمثال رامبو وبودلير وفيرلين اللذين كان نجمعهم متصاعد في ذلك الوقت.
وبعد عودته إلى مصر، كثرت رحلاته إلى تركيا وبعض الدول الأوروبية، إلا أن رحلة منها كانت كرحلته الدراسية الأولى، حسمت مصيره، وكانت هذه الرحلة عام 1915 إلى مدينة برشلونة الإسبانية، التي اختارها الشاعر كمنفى اختياري له، عندما أمروه بمغادرة مصر بعد خلع الإنجليز الخديوي عباس حلمي.
كما قويت نزعته الوطنية الكاسحة في عشق مصر والتغني بأمجادها، وشهدت سنواته التالية قمة تألقه الإبداعي في التعبير عن الضمير القومي، وتقوية إمكاناته الإبداعية، وتوجيه طاقاته لتجديد روح الشعر العربي وطريقة صياغته
وفي عام 1927، تم تأليف لجنة عربية لتكريمه، حيث لقبته بلقب (أمير الشعراء).
أسلوبه الشعري
- وعند التعرض للنقد الأسلوبي المعاصر، يقول الدكتور محمد الهادي الطرابلسي أن أسلوب شوقي كان (يتغذى من رصيد واسع من الثقافة، فهو يمثل جزء هام من التراث العربي الغني، ومن المعارف الإنسانية، فهو يصور تجربة طويلة للحياة.
- وتميز أسلوب شوقي بالتوازن بين الطاقة الإخبارية والإيحائية، فحقق بذلك رسالة مزدوجة، وهي الرسالة الفكرية والفنية.
- لقد اعتمد شوقي على توظيف العديد من التقنيات الشعرية الفعالة ، من أهمها تجانس التراكيب والاشتقاقات، والمفارقات بالصياغة، وآليات التكرار وطريقة التصوير والتجسيد، بالإضافة إلى قدرته الفائقة على إشباع حس الجمال عند القارئ العربي والاستجابة لتوقعاته.
- وفي أواخر سنواته، عكف شوقي على اكمال مشروعه الإبداعي الرائد وذلك في كتابة العديد من المسرحيات الشعرية رفيعة المستوى، وبذلك يكون قد أسس لهذا الفن في اللغة العربية، حتى وفاته عام 1932.
آثاره الشعرية والأدبية
- اشتمل ديوانه (الشوقيات)على 11320 بيتًا، ووصلت (أرجوزة دول العرب) و(عظماء الإسلام) إلى 1365 بيتًا، كما وصل عدد أبيات شعره المسرحي إلى 6179 بيتًا.
- هذا بالإضافة إلى الشوقيات المجهولة التي قام بنشرها الدكتور صبري السربوني، والتي وصل عددها إلى حوالي 4700 بيت، بما يشهد بخصوبة خيال وشعر شوقي وثراءه الشعري، فهو بحق شاعر العروبة والإسلام في العصر الحديث.
جزء من قصيدة أيها النيل
مِـنْ أَيِّ عَهـدٍ فـي القُـرَى تتَـدَفَّقُ? وبــأَيِّ كَـفٍّ فـي المـدائن تُغْـدِقُ؟
ومـن السـماءِ نـزلتَ أَم فُجِّـرتَ من علْيــا الجِنــان جَـداوِلاً تـتَرقرقُ؟
وبــأَيِّ عَيْــنٍ, أَم بأَيَّــة مُزْنَــةٍ أَم أَيِّ طُوفــانٍ تفيــض وتَفْهَــقُ؟
وبأي نَــوْلٍ أَنـتَ ناسـجُ بُـرْدَةٍ للضفَّتيْـــن, جَديدُهــا لا يَخــلَقُ؟
تَسْـــوَدُّ دِيباجًـــا إِذا فارقتهـــا فـإِذا حـضرتَ اخْـضَوْضَرَ الإِسْتَبْرَقُ
فــي كــلِّ آونــةٍ تُبـدِّل صِبغـةً عجبًــا, وأَنــت الصـابغُ المُتَـأَنِّقُ
أَتَـت الدهـورُ عليـكَ, مَهْـدُكَ مُـتْرَعٌ وحِيــاضُكَ الشُّــرق الشـهيَّةُ دُفَّـقُ
تَسْــقِي وتُطْعِـمُ, لا إِنـاؤكَ ضـائِقٌ بـــالواردين, ولا خــوانُك يَنفُــقُ
والمــاءُ تَسْــكُبُه فيُسْـبَكُ عَسْـجَدًا والأَرضُ تُغْرِقهــا فيحيــا المُغْـرَقُ
وفاة أحمد شوقي
ظل شوقي محل إعجاب تقدير الناس والذي يعبر عنهم، حتى فاجأته المنية بعد انتهائه من عمل قصيدة طويلة يقوم فيها بإحياء مشروع القرش الذي عن مُحفزاً على نهضة شباب مصر، و توفي بالرابع عشر من جمادى الآخرة 1351 هـ / الموافق الرابع عشر من أكتوبر 1932م.