الوداد الرياضي المغربي نادي المقاومة المثقل بالألقاب والبطولات

نادي الوداد الرياضي

نادي الوداد الرياضي يعتبر أحد أكبر الأندية ليس في المغرب فقط  وإنما في القارة الإفريقية كلها، و يتمتع النادي بقاعدة جماهيرية عريضة أهلته لأن يكون على رأس الأندية الرياضية في المغرب من حيث عدد المحبين والألقاب.

كما ساعد اشتراك فربق الكرة لنادي الوداد الرياضي في المنافسات القارية والإقليمية في إيجاد جماهير متابعة لأنشطة النادي في أوروبا – حيث تتركز الجالية المغربية – و أمريكا الشمالية وحديثاً في دول الخليج العربي وإفريقيا.

لم تأت شهرة نادي الوداد الرياضي من فراغ إذ صُنِّف النادي عام 2000 ميلادية كنادي القرن في المغرب، واحتل المركز الثاني عشر في ترتيب أندية القرن العشرين على المستوى الإفريقي، كما يعتبر نادي الوداد الرياضي أكثر الأندية المغربية تتويجاً بالبطولة والكأس المغربيين، و كذلك يعتبر أحد أعمدة كرة القدم في المغرب وعميد أنديته بامتياز.

تاريخ الوداد : النشأة والتأسيس

الظروف التاريخية لتأسيس الوداد

تأسس نادي الوداد الرياضيّ في ظروف تاريخية صعبة، حيث كانت المملكة المغربية تعاني من ويلات الاحتلال الفرنسيّ والإسبانيّ الذي حرم أبناءها خيرات بلادهم ومنعهم من مشاركة المحتلين الأندية الرياضية و الاجتماعية و الترويحية.

ومن هنا نشأت فكرة تكوين ملتقى محليّ يكون جامعاً لطاقات الشباب المغربيّ، محافظاً على التراث القوميّ حتى لا تذوب الهوية الإسلامية العربية تحت ضغط محاولات المحتل الذي كان ينشئ أندية رياضية على الأرض المغربية دون أن يسمح للمغاربة بالانضمام إليها أو المشاركة في أنشطتها وتم قصر الاستفادة منها على العنصر الأوربيّ فقط !!

في ذات الوقت الذي منعت فيه السلطات الفرنسية تأسيس أي جمعية أو ناد ولو في طابع رياضيّ خوفا من أن يتحول هذا التجمع إلى نواة لمقاومة الاحتلال الأوربي.

الروّاد المؤسسون للوداد

في النصف الأول من ثلاثينيات القرن الماضي كان على قيادات المجتمع المغربيّ التفكير في وسائل مقاومة بديلة للاحتلال بعد تضييق الخناق على حركات المقاومة؛ فرأى الحاج ’’محمد بنجلون‘‘ وهو من الرعيل الأول المتعلم تعليماً عصرياً حصل فيه على الباكالوريا سنة 1933م، والتحق بباريس من أجل الدراسة العليا في تخصص التجارة و عاد إلى المغرب سنة 1935م، أنّ حاجة الشباب في المغرب إلى إطار جامع يوحد أهدافهم، ويظهر قوتهم، ويكسر احتكار المستعمر لمرافق البلاد أولوية فنشأت في ذهنه مع مجموعة من أصدقائه فكرة إنشاء نادٍ وطنيّ للمغاربة فقط.

إلا أن هذه الرغبة النبيلة قوبلت بتعنت و صلف شديد من الإدارة الفرنسية وتم رفض طلب تأسيس النادي عدة مرات قبل أن يتدخل المقيم العام في المغرب آنذاك “موريس نوغيس” شخصياً للسماح بتأسيس نادي الوداد الرياضيّ تحت شروط في غاية الاجحاف و القسوة.

في 8 ماي 1937 ميلادية حصل نادي الوداد الرياضيّ على رخصته لكن دون أن يكون خالصاً للمغاربة كما أراد أصحاب الفكرة إذ اشترطت سلطات الاحتلال عدة شروط مجحفة لتكبيل يد القائمين على النادي منها :

  • الابتعاد عن أي أنشطة لها علاقة بالإسلام أو السياسة.
  • عدم تبني أي مواقف معادية ضد الأوربيين عامة و الفرنسيين خاصة.
  • اقتسام عدد مقاعد إدارة النادي (12 مقعد) بين المغاربة و الفرنسيين.

وتحت هذه الشروط العنصرية تشكل أول مجلس لتسيير أمور نادي الوداد الرياضيّ حيث مثل المغاربة فيه خمسة أعضاء هم:

  • الحاج محمد بنجلون التويمي (رئيساً)
  • محمد زروق (عضواً)
  • لحسن التونسي الشهير بالأب جيكو (عضواً)
  • الحاج محمد بن محمد بن الحسن بنجلون (عضواً)
  • محمد ماصون (عضواً)

تأسيس فروع الوداد

رغم أن الفكرة الأساسية لإنشاء نادي الوداد الرياضي كانت تأسيس نادي لكرة الماء فقط أسوة بما كان منتشراً في تلك الفترة إلا أن الحاج الدكتور ’’عبد اللطيف بنجلون التويمي ‘‘ الذي أسند إليه وضح اللوائح و القوانين اقترح تحرير قوانين لنادي تمارس فيه جميع الرياضات بدلا من الاقتصار على كرة الماء، وهي الفكرة التي لاقت قبولاً عند بعض الأعضاء مثل الأب جيكو، الذي كانت تراوده فكرة تأسيس فريق لكرة القدم.

ورغم تعنت سلطات الاحتلال لتكوين نادٍ رياضيّ شامل للمغاربة إلا أن الضغوط التي مارسها الأعضاء المؤسسون نجحت في انتزاع الموافقة لتشهد سنة 1938 تأسيس فريق كرة السلة، قبل أن يتم تأسيس أشهر وأكبر فرع في تاريخ النادي – فرع كرة القدم سنة 1939، وتتلوه فروع أخرى ككرة اليد والكرة المستطيلة.

قصة اختيار اسم نادي الوداد

من الأمور الطريفة التي ارتبطت بتأسيس نادي الوداد الرياضيّ قصة اختيار الاسم حيث يذكر أنه أثناء الاجتماعات التحضيرية للحصول على رخصة النادي كان هناك نقاش متعمق حول اختيار الاسم عندما دخل أحد الأعضاء المتأخرين فجأة إلى الاجتماع ليحكي عن سبب تأخره وهو أنه كان يشاهد فيلم “وداد” للمطربة المصرية أم كلثوم، وما أن نطق الرجل باسم الفيلم حتى انطلقت “زغرودة” من منزل مجاور لمكان الاجتماع مما جعل الأعضاء يستبشرون باسم “وداد” وطالب بعضهم باتخاذه اسماً للنادي.

راق الاسم للحاج “محمد بنجلون التويمي” إلا أن بعض الأعضاء طالبوا بعدم الحسم النهائي إلا بعد حضور عدد كبير من المسيرين واللاعبين، وبالفعل تمت الموافقة على الاسم بعد عقد اجتماع عام، وكانت النتيجة اختيار الوداد الرياضي اسما للنادي.

اختيار لون نادي الوداد

لم يشهد اختيار لون نادي الوداد الرياضيّ اختلافاً بين الأعضاء المؤسسين كالذي شهده الاسم، حيث انحاز الجميع بشكل قويّ إلى لون علم البلاد الذي يمثل رمز الوطن، و الذي يعتبر التمسك به صورة من صور المقاومة كان من الطبيعي أن يتبناها أول نادٍ وطنيّ في البلاد.

ومن هنا أصبح اللون الأحمر علماً على نادي الوداد الرياضي وإن كان النادي قد لعب في المواسم الأولى بأقمصة مخططة عمودياً بالأحمر و الأبيض، إلا أنه بعد ذلك و مع بداية الأربعينات لعب بالقميص الأحمر و السراويل البيضاء و الجوارب الحمراء، ثم استقر الأمر حالياً على الطقم الأحمر الكامل.

تطور شعار نادي الوداد

شهد شعار نادي الوداد الرياضيّ تطوراً و تحديثاً منذ مولده الأول عام 1937م بدلالات سياسية واضحة مثل كتابة اسم النادي باللغة العربية و بخط تراثي، إلى تطوير أخر لا يقل أهمية بإضفاء مزيد من الصبغة الوطنية للشعار بإضافة الهلال مع اللون الأحمر ليصبح نادي الوداد الرياضي من أوائل الأندية المغربية التي يحتوي شعارها على الهلال الذي يرمز للإسلام، وكذلك أول نادي مغربي يضع العلم المغربي على قميصه.

بعد فوز نادي الوداد الرياضي بالبطولة المغربية المحلية عام 1993م أضيفت نجمة ذهبية أعلى الشعار حسب قانون البطولة المغربي الذي يعطي الحق لكل نادي بإضافة نجمة ذهبية لشعاره عن كل 10 بطولات دوري يفوز بها.
ملعب نادي الوداد الرسميّ

يلعب نادي الوداد بشكل رسميّ على أحد اقدم الملاعب في المملكة المغربية وهو ملعب ” مارسيل سيردان” الذي تم انشائه في عام 1955 م، ثم أطلق عليه بعد الاستقلال اسم ” ستاد دونور” ويعرف الأن باسم ” ملعب محمد الخامس”.

يتشارك نادي الوداد مع نادي الرجاء الرياضيّ أحقية اللعب في المركب الرياضي الذي يسع 67.000 متفرج، ويشمل العديد من أماكن الأنشطة الرياضية الأخرى غير كرة القدم مثل كرة سلة، كرة اليد، الطائرة، الجمباز، الملاكمة بالإضافة إلى مسبح أولمبي، قاعة للاجتماعات وقاعة طبية كبيرة.

بطولات و ألقاب نادي الوداد الرياضي

حصل نادي الوداد الرياضيّ على العديد من البطولات المختلفة في الفروع الرياضة إلا أن الجمهور يتذكر دائماً بطولات كرة القدم التي سطر بها النادي تاريخاً متميزاً بين أندية المملكة.

البطولةمرات الفوزالسنوات
الدوري المغربي20 (5 قبل استقلال المغرب)1948، 1949، 1950، 1951، 1955

1957، 1966، 1969، 1976، 1977، 1978، 1986، 1990، 1991، 1993، 2006، 2010، 2015، 2017، 2019

كأس العرش91970، 1978، 1979، 1981، 1989، 1994، 1997، 1998، 2001
دوري أبطال إفريقيا21992، 2017
كأس الكؤوس الإفريقية12002
الكأس الإفريقية الممتازة12018
الكأس الأفرو-آسيوية11993
دوري أبطال العرب11989
الكأس العربية الممتازة11990

وحصول فريق الوداد على خمسة ألقاب للبطولة المغربية قبل الاستقلال وخمسة عشر بعده وغيرها من الألقاب يجعل تاريخ نادي الوداد حافلاً بالألقاب و البطولات بما يصنفه الأول بين الفرق المغربية من حيث عدد الألقاب فقد بلغ جملة إنجازاته 20 بطولة محلية، 9 كؤوس العرش، بالإضافة إلى تتويجه عربياً وإفريقياً بالعديد من الكؤوس التي تجعل منه أحد عمالقة القارة الإفريقية.

أبرز الرموز التاريخية لنادي الوداد

منذ التأسيس في عام 1937م و قيادات نادي الوداد و لاعبوه يحظون بمكانة خاصة عند الشعب المغربي سواء لدورهم الوطني البارز أو لمهارتهم الفنية في الألعاب الرياضية وتحقيق البطولات و الألقاب الحصرية.

لا يمكن الحديث عن رموز نادي الوداد الرياضي دون الحديث عن أول رئيس للنادي الحاج ’’محمد بنجلون‘‘ الذي ظل على رأس الصرح الذي أسسه منذ سنة 1937إلى سنة 1942 ولا يزال المغاربة يذكرون له مواقفه الوطنية منذ أن كان طالباً بثانوية مولاي يوسف بالرباط، حيث أنه استطاع سنة 1933 إقناع جميع الطلبة الداخليين، بالإمساك عن الطعام يوم 16 ماي، وصيام ذلك اليوم احتجاجاً على ذكرى إصدار الظهير البربري، بل وإنه استطاع إقناع أحد الطباخين بمطعم داخلية المدرسة بتهيئة وجبة السحور والفطور لأكثر من 100 طالب التزموا بالصيام.

كما لا يذكر فريق الوداد لكرة القدم دون أن يذكر اسم مؤسسه و مسيره “محمد بن الحسن التونسي العفاني” الشهير بالأب جيكو وهو من المثقفين البارزين في وقته ومن الرياضيين الملمين بالشأن الرياضي بشكل واسع حيث كان يتقن عدة لغات وبرز اسمه كأول صحفي رياضي مغربي.

لماذا يحب المغاربة نادي الوداد الرياضي ؟

لا شك أن نادي الوداد الرياضي يحظى بالقسم الأكبر من مشجعي الرياضة في المغرب العربي، وربما لا يحظى النادي بهذه الشعبية الجارفة بسبب الانجازات الرياضية و حسب؛ فهناك مكون أخر شديد الأهمية ربط بين الجمهور و النادي منذ اليوم الأول لانطلاقه.

هذا الرباط القويّ بين المغاربة و نادي الوداد يرجع في الأصل إلى ما مثله النادي ورجاله في فترة الاحتلال من نمط من أنماط المقاومة و شكل من أشكال الوطنية والتمسك بالهوية و رفض التماهي مع المحتل.

ومن الغريب أنها نفس النظرة التي نظرها المحتلون الفرنسيون لنادي الوداد حيث عمدت السلطات الفرنسية حينئذٍ إلى تطويق الملاعب أثناء مباريات الوداد بالدبابات لتخويف الجمهور، كما كان ينظر لكل مشجع للنادي على أنه وطني مقاوم، وكل لاعب في الفريق على أنه منحاز للقضية الوطنية مناوئ للاحتلال.

كما كانت مباريات نادي الوداد إبّان الاحتلال فرصة للمغاربة ليعبروا عن سخطهم ومطالبتهم برحيل المحتل، ولا يزال الشعب المغربي يذكر كيف انخرط بعض لاعبي الفريق في أنشطة المقاومة و توزيع المنشورات والتعبير عن روح الجماهير التي توارثت حبهم منذ ذلك التاريخ المجيد. ومن بين الأحداث العديدة التي علقت بذاكرة الوداديين والمغاربة عموما يذكر أنه خلال مباراة في الجزائر إبان الاحتلال الفرنسي ضد فريق بلعباس بمدينة وهران امتنع لاعبو الوداد وعلى رأسهم الأب جيكو المدرب عن الدخول إلى الملعب حتى يرفع العلم المغربي فاضطر حكم المباراة إلى أن يمتثل لرغبة الوداد ما جعل الجماهير الجزائرية تشجع الوداد الذي اضحى يمثل رمزا لمقاومة المستعمر الفرنسي.

أبرز لاعبي الوداد عبر التاريخ

منذ ولادة نادي الوداد الرياضي وهو يقدم لكرة القدم أسماء خلدها التاريخ ومن أبرز هذه الأسماء نذكر:

التريبليت

وهو ثلاثي هجومي متكون من ادريس جوماد و الشتوكي وعبد السلام عاطف، الثلاثة مثلوا رعبا حقيقيا لكل الخصوم أيام الاستعمار الفرنسي وقد ذاع صيتهم حتى طالب نادي برشلونة الاسباني بالتعاقد معهم الا أن الحسن الثاني ولي العهد آنذاك، والذي كان يتابع الفريق بشكل كبير، أقنع الثلاثة بعدم الذهاب الى اسبانيا لأن الفريق والوطن في حاجة إليهم.

عبد الرحمن بلمحجوب

أحد أبرز اللاعبين المغاربة عبر التاريخ على الإطلاق، لعب للوداد بين 1964 و1968 وحصل معه على لقب البطولة المغربية، لكنه سجل اسمه قبل ذلك في ملاعب فرنسا حتى لقب بالأمير هناك.

بادو الزاكي

حارس مرمى المنتخب المغربي خلال كأس العالم 1986 وصاحب الحذاء الذهبي الإفريقي في السنة نفسها، حصل مع الوداد على بطولتين وثلاثة كؤوس للعرش. مهاراته كحارس واجازاته مع المنتخب والوداد فتحت له الطريق نحو الاحتراف بالدوري الإسباني من خلال فريق مايوركا والذي قدم معه مباريات كبيرة.

عزيز بودربالة

اللاعب الفنان والذي ساهم بشكل كبير في إنجاز المنتخب المغربي سنة 1986 بكأس العالم، انتقل الى الاحتراف في الدوريين السويسري والفرنسي حيث ساهمت أهدافه ومراوغاته في حصول الفرق التي لعب لها على الألقاب.

نورالدين النيبت

المدافع الذي قارع كبار نجوم الكرة العالمية في الدوري الاسباني وفي عصبة الابطال الاوروبية، وكان أحد أعمدة الوداد حين حاز الفريق على لقب كأس أبطال افريقيا سنة 1992.

Web Media
Web Media
تعليقات