قصة سيدنا أيوب عليه السلام ، يختبر الله سبحانه وتعالى عباده بالعديد من المحن والمصاعب التي تواجههم في الحياة وذلك ليقرب إليه من يشاء، ويعلم الصادق مع الله من الكاذب، فعلى قدر إيمان المرء وقربه من ربه يأتي البلاء، لذلك فلقد كان الأنبياء من أكثر الناس ابتلاءً ليقربهم الله إليه ومن أمثلة ذلك مرض سيدنا أيوب وصبره على المرض.
مرض سيدنا أيوب وصبره على المرض
ابتلى الله سبحانه وتعالى أيوب بمرضه وذلك حيث جاء في القرآن الكريم: (وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ*فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ).
حيث كان أيوب عليه السلام صاحب مال كثير وأراضي كثيرة وأنعام عديدة متنوعة من مختلف الأنواع، وبالرغم من ذلك فقد ابتلاه الله سبحانه وتعالى بفقدان كل ذلك وزاده على ذلك الكثير من الأمراض الجسدية، ولكن ذلك كله لم يؤثر على علاقته بربه، حيث كان دائم الذكر لله وكان يسبح ربه في الليل والنهار ولا يكل، صابرًا على مرضه غير يأسٍ، وعلى الرغم من أن مرضه أثر بالسلب عليه فقد بعد الكثير من الناس عنه وتجنبوه فيما عدا زوجته لم تبعد عنه ولم تتخلى عنه أبدًا، فلقد كانت، نتيجة لسوء حالتهم المادية بسبب فقدان ما يملكون،كانت تعمل لدى الناس وتأخذ منهم المقابل وتجلب لأيوب عليه السلام الطعام ولم تشعره بالنقص أبدًا، بل على النقيض تمامًا، فلقد كانت صابرة معه على فاجعتهم وفقدان ما يملكون.
وواجهت زوجة أيوب عليه السلام النفور والصد من الناس الذين يعلمون أنها زوجته، وذلك خوفًا عليهم وعلى أسرتهم من انتقال المرض إليهم، ولكنها لم تكل ولم تيأس حتى أنها باعت إحدى ضفائر شعرها إلى بنات الأشراف لتحصل في المقابل على الطعام، واضطرت لبيع الضفيرة الثانية أيضًا مقابل الطعام، وعادت لأيوب عليه السلام بالطعام الكثير ولكنه اندهش من كثرته، وبعدما علم بأن السبب وراء ذلك الطعام الكثير ضفائر شعرها حزن وخاطب ربه قائلًا: (أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ)، فسمع الله دعوته له واستجاب له فقال الله تعالى: (ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَـذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ). ففتح الله له عينا من الماء واغتسل وشرب منها أيوب عليه السلام وأذن الله له بالشفاء بهذه المياه الباردة من أمراضه، ووسع عليه رزقه.
ما يُستفاد من قصة سيدنا أيوب
ما نتعلمه من قصة سيدنا أيوب أنه مهما عظمت المصائب والابتلاءات فليس علينا إلا الصبر احتسابا عند الله سبحانه وتعالى، لأن الله هو من بيده مفاتيح الأمور وليس لأي إنسان قدرة على حل أي مشكلة سوى الله.
لذلك فإن قصة أيوب تشمل العديد من العبر والمواعظ لكل من يأس من الابتلاءات وهي:
- أن الله سبحانه وتعالى هو ملجؤنا الوحيد سواء في الحزن أو الفرح، وأن الله يفرجها ويحل كل ما هو صعب ولكن عندما يكون لدينا اليقين في الله بأنه قادر على كل ذلك.
- الصبر ثم الصبر وذلك لأنه ليس لدينا سوى الصبر في الابتلاءات والمحن ومثال ذلك صبر سيدنا أيوب كما ذكرنا، حيث أن صبر أيوب كان عظيمًا، فلقد صبر أيوب على فقدان كل أمواله وفقدان ولده، وصبر على مرضه لأنه يعلم بداخله ويتيقن من أن الله سبحانه وتعالى يبتلي المؤمن ليعلم ويختبر مدى صبره على ابتلاءه
- تدل أيضًا قصة أيوب عليه السلام أن الفرج لا محالة من حدوثه مهما طالت وعظمت الشدة والابتلاء، فلابد أن تشرق شمس الفرج والفرحة في وقت ما ويعوض الله الصابرين على الابتلاء خيرًا كثيرًا.