إن من أجمل القصص التي ذكرها الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم، قصة الخضر عليه السلام مع سيدنا موسى وما شاهده موسى من غرائب معه، حيث تعتبر قصة سيدنا موسى مع الخضر عليه السلام دليل على حب موسى للعلم وإظهاره التواضع للخضر على الرغم من أن موسى هو كليم الله وأقرب إلى الله حيث يتسم بصبره على التعلم، وهو الذي أنزلت عليه التوراة.
معرفة موسى بالخضر
كان الله سبحانه وتعالى يريد أن يبين لموسى عليه السلام أن العلم من الله سبحانه وتعالى وأنه مهما أُوتي الإنسان من علم، فهو بذلك كأنه لا يعلم شيئا، ففي يوم من الأيام كان موسى يخاطب قومه فسأله قومه من أعلم الناس؟… فرد عليهم بأنه هو أعلم القوم، ولكن الله عاتبه على إجابته لأنه رد ردًا قاطعًا ولم يفوض أمره إلى الله.
وقال الله له أن لله عبدًا لديه من العلم ما لم يعلمه سيدنا موسى. فسأل موسى الله سبحانه وتعالى من يكون هذا الرجل الذي يعلم ما لا يعلمه هو، فأخبره الله أنه الخضر وأنه سوف يجده في مجمع البحرين، فأصر موسى على أن يقابل الخضر العالم الصالح الذي لم يُعرف من هو هل عالم أم ملك أم نبي. فأخبر فتاه يوشع بأنه سوف يخرج في رحلة إلى مجمع البحرين حتى يلتقي به كما جاء في القرأن الكريم: (وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِفَتَٰهُ لاۤ أَبْرَحُ حَتَّىٰ أَبْلُغَ مَجْمَعَ ٱلْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُباً).
قصة الخضر عليه السلام
التقى سيدنا موسى بالخضر وطلب منه أن يُعلمه من العلم ما لا يعلمه هو، لكن الخضر قال له أنه لن يستطيع الصبر، فوعد الخضر بأنه يصبر وسوف يتبعه في كل أمر يأمره به، وبدأت الرحلة، هذه الرحلة التي قضاها موسى مع الخضر والتي مرت بحوادث غريبة.
انطلق موسى مع الخضر وكانت بداية رحلتهم إلى البحر، وصلا إلى شاطئ البحر، وكانا ينتظران سفينة تقلهما فلما رأيا أصحاب السفينة أركبوهم بدون مقابل، وذلك لأنه معروف بين قومه بصلاحه وتقواه، وركبا السفينة وبدأت الرحلة، ولكن في بدايتها رأ سيدنا موسى طيرًا يشرب من البحر ويأخذ بمنقاره شيئًا من البحر فقال الخضر له: أن علمه وعلم موسى بالنسبة لعلم الله لا شيء كما أخذ هذا الطائر من البحر.
وعندما رأى موسى الخضر يُخرق السفينة غضب متسرعًا لائمًا عليه ما يفعله، فقال له الخضر بأنه لن يستطيع صبرًا، فاعتذر منه أنه نسي وأنه سوف يفي بوعده له. وسبب إخلافه وعده للخضر أنه لا يسكت عن الحق ولا يرضى بالظلم أبدًا، فأكملوا الرحلة فإذا بفتيان يلعبان فإذا بالخضر يترقب بفتى ويراقبه حتى استفرد به وقتله، ولكن في هذه المرة لم يتمالك موسى نفسه واتهم الخضر بأنه فعل شيئًا منكرًا وقتل نفسًا بغير حق.
فذكره الخضر بوعده له وقال له ألم يقل له بأنه لن يستطيع أن يصبر على ما يفعل، فاعتذر منه موسى ثانية وطلب منه ان يسمح له بفرصة أخيرة وانه لن يسأله عن شئ آخر وعهد إليه أنه إذا سأله شيئا آخر فلا يرافقه، وأكملوا رحلتهم بعدها حيث رأوا جدارًا لأحد أهل القرى التي يمس أهلها الجوع والفقر فأقامه لهم، فقال له موسى أنه لو شاء لأخذ منهم أجرًا على هذا ولكان ذلك خيرًا له، فقال له الخضر أن هذه هي نهاية الطريق وأنه سيخبره بما لم يستطيع أن يصبر عليه.
ما تعلمه موسى خلال رحلته مع الخضر
أن السفينة كانت لأناس مساكين وكان لهم ملك ظالم وكان يأخذ منهم كل السفن التي ليس بها عيوب ولا يأخذ السفن التي بها عيب، وعندما رأى الثقب الذي صنعه الخضر لهم ترك السفينة، وأما الفتى الذي قتله الخضر فهو فتى كافر ويتعب والديه وهما مؤمنان، وسوف يعوضهما الله بولد أخر مؤمن يسعدهما ويبث فيهما السرور، وأما الجدار الذي أقامه فتحته كنز لولدين يتيمين، ولكن الله يريد أن يظل هذا الكنز تحت الجدار القديم، وذلك حتى يصل هذان الولدان سن الرشد.
ومن رحلة موسى مع الخضر تعلم منها الكثير، وأهم ما تعلم الصبر إضافة إلى العلم الذي تعلمه من الخضر.